Lencana Facebook

المجنون

هو قيس بن معاذ، ويقال قيس بن الملوح. أحد بني جعدة ابن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، ويقال بل هو من بني عقيل ابن كعب بن ربيعة.
ولقبه المجنون لذهاب عقله بشدة عشقه.
وكان الأصمعي يقول لم يكن مجنوناً، ولكن كان فيه لوثة كلوثة أبي حية.
وهو من أشعر الناس، على أنهم قد نحلوه شعراً كثيراً رقيقاً يشبه شعره، كقول أبي صخر الهذلي:




أَما والَّذي أَبْكَى وأَضْحَكَ والَّذي ... أَماتَ وأَحْيَا والَّذي أَمْرُهُ الأَمْرُ
لقَدْ تَرَكَتْني أَحْسُدُ الوَحْشَ أَنْ أَرَىأَليفَيْنِ منها لا يَرُوعُهُما النَّفْرُ
فيا هجر لَيْلى قد بَلَغْتَ بيَ المَدَى ... وزِدْتَ على ما لم يَكُنْ بَلَغَ الهَجْرُ
ويا حُبَّها زِدْني جَوًى كُلَّ لَيْلَةٍ ... ويا سَلْوَةَ الأَيَّامِ مَوْعِدُكِ الحَشْرُ
وَصَلْتُك حتَّى قُلْتِ لا يَعْرُ القِلى ... وزُرْتُكِ حتَّى قُلْتِ لَيْسَ له صَبْرُ
إِذا ذُكرَتْ يَرْتَاحُ قَلْبِي لذكْرِها ... كما انْتَفَضَ العصْفُورُ بَلَّلَهُ القَطْرُ
عَجبْتُ لَسْعيِ الدَّهْرِ بَيْني وبَيْنَهافلَمَّا انْقَضَى ما بَيْنَنا سَكَنَ الدَّهْرُ
وكقول أبي بكر ابن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة:
بَيْنَما نَحْنُ من بَلاَكثَ بالقا ... عِ سِرَاعاً والعيسُ تَهْوِى هُوِيَّا
خَطَرَتْ خَطْرَةٌ على القَلْب من ذِك ... راك وَهْناً فما استَطَعْتُ مُضيَّا
قُلْتُ لَبَّيْكِ، إِذ دَعَاني لَكِ الشَّوْ ... قُ، وللحادِيَيْن كُرَّا المَطِيَّا
وكان المجنون وليلى - صاحبته - يرعيان البهم وهما صبيان، فعلقها علاقة الصبا، وفي ذلك يقول:
تَعَلَّقْتُ لَيْلى وهْيَ غِرٌّ صَغيرَةٌ ... ولم يَبْدُ للأَتْرابِ من ثَدْيِها حَجْمُ
صَبِيَّانِ نَرْعَى البَهْمَ يا لَيْتَ أَنَّناإِلى اليَوْمِ لم نَكْبَرْ ولم يَكْبَرِ البَهْمُ
قال فأبيت إلا أن يدلني عليه، فقال نعم، اطلبه في هذه الصحارى، فإذا رأيته فادن منه مستأنساً، ولا تظهر النفارمنه، فإنه يتهددك ويتوعدك، وبالحرى أن يرميك بشيءٍ إن كان بيده، واجلس كأنك لا تنظر إليه، والحظه ببصرك، فإذا رأيته قد سكن أو عبس بيده فأنشده شعراً إن كنت تروي لقيسٍ بن ذريح شيئاً، فإنه يعجب به.
قال فخرجت أدور يومي، فما رأيته إلا بعد العصر جالساً على قوز من رمل، قد خط بإصبعه فيه خطوطاً، فدنوت منه غير منقبضٍ منه، فنفر والله مني كما تنفر الوحش إذا نظرت إلى الإنس، وإلى جانبه أحجار ململمة، فتناول واحداً منها، فأقبلت حتى جلست إليه، ومكث ساعةً وكأنه الشيء النافر المتهيئ للقيام، فلما طال جلوسي سكن وأقبل يعبث بأصابعه، فنظرت إليه، فقلت أحسن والله قيس بن ذريحٍ حيث يقول:
وإِنِّي لمُفْنٍ دَمْعَ عَيْنَيَّ بالبُكَا ... حِذارَ الَّذي لَمَّا يَكُنْ وهْوَ كائِنُ
وقالوا غَداً أَو بَعْدَ ذاكَ بلَيْلَةٍ ... فِراقُ حَبِيب لم يَبِنْ وهْوَ بائِنُ
وما كُنْتُ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مَنِيَّتِي ... بكَفَّيَّ إِلاَّ أَنَّ مَنْ حانَ حائِنُ
فبكى طويلاً، ثم قال أنا والله أشعر منه حيث أقول:
وأَدْنَيْتِنِي حتَّى إِذا ما سَبَيْتِني ... بقَوْلٍ يُحِلُّ العُصْمَ سَهْلَ الأَباطِحِ
تَجافَيْتِ عَنِّي حِينَ لا لِيَ حِيلَةٌ ... وخَلَّيْتِ ما خَلَّيْتِ بَيْنَ الجَوانحِ
ثم عنت له ظباءٌ فوثب في طلبها، فانصرفت، ثم عدت من الغد فلم أصبه، فرجعت فأخبرتهم، فوجهوا الذي كان يذهب بطعامه فأخبرهم أنه على حاله لم يأكل منه شيئاً، ثم عدت اليوم الثالث فلم أصبه، ونظرت إلى طعامه فإذا هو على حاله، ثم غدوت بعد ذلك وغدا إخوته وأهل بيته، فطلبناه يومنا وليلتنا، فما أصبناه، فلما أصبحنا أشرفنا على وادٍ كثير الحجارة، فإذا هو ميتٌ بينها، فاحتملوه ودفنوه.
وللمجنون عقبٌ بنجدٍ. ولم يقل أحد من الشعراء في معنى قوله وأدنيتني حتى إذا ما سبيتني. شيئاً هو أحسن منه.
ونحوه قول ابن الأحنف:
أَشْكُو الَّذِينَ أَذَاقُوني مَحَبَّتَهُمْ ... حتَّى إِذا أَيْقَظُوني بالهَوَى رَقَدُوا
ومن جيد شعره، ويقال إنه منحول:
إِنَّ الَّتِي زَعَمَتْ فُؤَادَكَ مَلَّها ... خُلِقَتْ هَوَاكَ كَمَا خُلِقْتَ هَوىً لَّها
فإذا وجَدتَ لها وَسَاوِسَ سَلْوَةٍ ... شَفَعَ الضَّمِيرُ إِلى الفُؤَادِ فسَلَّها
بَيْضاءُ باكَرَها النَّعيمُ فصاغَها ... بلَبَاقَةٍ فأَدَقَّها وأَجَلَّها
إِنِّي لأَكْتُمُ في الحَشَا من حُبِّها ... وَجْداً لَوَ أصْبَحَ فَوْقَهَا لأَظَلَّها
ويَبيتُ تَحْتَ جَوانِحي حُبٌّ لها ... لو كان تَحْتَ فِراشهِا لأَقَلَّها
ضَنَّتْ بنائِلِها فقُلْت لِصاحِبِي ... ما كان أَكْثَرَها لَنَا وأَقَلَّها
ومن شعره الجيد قوله:
وخَبَّرْتُماني أَنَّ تَيْمَاءَ مَنْزِلٌلِلَيْلى إِذا ما الصَّيْفُ أَلْقَى المَرَاسيَا
فهذِي شُهُورُ الصَّيْفِ أَمْسَت قد انْقَضَتْفما للنَّوَى تَرْمِي بلَيْلَى المَرَامِيَا
ولَوْ كان واشٍ باليَمَامَة دارُهُ ... ودارِي بأَعْلى حَضْرَمَوْتَ اهْتَدَى لِيَا
إِذا ما جَلَسْنا مَجْلِساً نَسْتَلِذُّه ... تَوَاصَوْا بنا حَتَّى أَمَلَّ مَكَانِيَا
وماذا لَهُمْ، لا أَكْثَرَ اللهُ حَظَّهُمْ، ... منَ الحَظِّ في تَصْرِيم لَيْلى حِبَاليَا
وفيها يقول:
وإِنِّي لأَسْتَغْشِي وما بيَ نَعْسَةٌ ... لَعَلَّ خَيَالاً مِنْكِ يَلْقَى خَيَالِيَا
وأَخْرُجُ من بَيْنِ الجُلُوسِ لَعَلَّنيأُحَدِّثُ عَنْكِ النَّفْسَ في السِّرِّ خَالِيَا
هذا مثل قول ذي الرمة:
أُحِبُّ المَكانَ القَفْرَ من أَجْلِ أَنَّنِي ... به أَتَغَنَّى باسْمِها غَيْرَ مُعْجَم
ومما نحل:
يا حبَّذا عَمَلُ الشَّيْطانِ من عَمَلٍ ... إِنْ كان من عَمَلِ الشَّيْطانِ حُبّيها


0 komentar:

Posting Komentar

أهلا وسهلا في رحاب الآداب العربية مع حليمي زهدي.